مقدمة في السلاسل المتحركة لقياس الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي
انطلاقاً من سعي الهيئة العامة للإحصاء نحو تبني أفضل الممارسات والتوصيات الدولية، وبناءً على توصيات عدد من المنظمات الدولية - من بينها صندوق النقد الدولي ( (IMF، ويورستات (EURSTAT)، ومنظمة التعاون الاقتصادي (OECD) - تعلن الهيئة العامة للإحصاء تحديث منهجية قياس الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة، والانتقال من النهج التقليدي المبني على سنة أساس ثابتة، وهي سنة 2010، إلى نهج متحرك (ديناميكي) معترف به دوليًا يعرف بالسلاسل المتحركة.
ويهدف هذا التحديث إلى تعزيز دقة وموثوقية المؤشرات الاقتصادية، حيث تتيح السلاسل المتحركة انتقالًا سلسًا بين السنوات، وهذا يعكس الاتجاهات الاقتصادية بشكل أكثر دقة ووضوحًا، ويسهل إجراء المقارنات بين الدول.
ولفهم أكبر وأوضح لهذا التحديث نقدم هنا نظرة عامة وسريعة عن منهجية السلاسل المتحركة، حيث نركز على المواضيع الرئيسة وهي القياس بالأسعار الجارية، والقياس بالأسعار الثابتة بسنة الأساس (2010)، والقياس بالسلاسل المتحركة (السنة المرجعية 2018).
القياس بالأسعار الجارية:
يعد القياس بالأسعار الجارية ركيزة من ركائز الحسابات القومية، حيث يعكس القيمة النقدية لجميع السلع والخدمات التي تنتج داخل الاقتصاد خلال فترة محددة، دون أي تعديل للتغيرات في الأسعار أو التضخم، فهو يعطي تصورًا عن القيمة المضافة الإجمالية من حيث الأسعار الفعلية السائدة في السوق وقت الإنتاج، وبعبارة أخرى، يعكس القياس بالأسعار الجارية القيمة المضافة الإجمالية دون النظر في تأثير الضغوط التضخمية أو الانكماشية.
وفي سياق الحسابات القومية، يقدم هذا القياس نظرة عامة عن النشاط الاقتصادي، وإجمالي الدخل الناتج من مختلف القطاعات، وهو بمثابة نقطة الانطلاق لمزيد من التحليل، كما أنه يساعد صناع القرار والاقتصاديين وأصحاب المصلحة العامة في قياس حجم ونمو الاقتصاد السعودي.
القياس باستخدام منهجية الأسعار الثابتة بسنة الأساس (2010):
يُعد القياس بالأسعار الثابتة أمرًا هامًا في الحسابات القومية، حيث يهدف إلى إزالة تأثير تغيرات الأسعار أو التضخم على قياس الناتج المحلي الإجمالي، وفي منهجية سنة الأساس الثابتة باعتبار 2010م سنة الأساس، تقارن بها كل السنوات الأخرى؛ وذلك لتوفير انعكاس أكثر دقة للنمو الحقيقي للاقتصاد عن طريق إزالة أثر تقلبات الأسعار.
وبالرغم من أن هذه المنهجية قد استُخدمت لسنوات طويلة وبطريقة فعالة إلا أنها لا تعكس التغييرات في الهياكل الاقتصادية والسلوكيات مع مرور الوقت بشكل جيد، فعندما يتم إنتاج السلع والخدمات يتم قياس القيمة الإجمالية بالقيمة النقدية (أي بالأسعار الجارية)، وخلال المقارنة بين السنوات سنلاحظ انخفاضًا وارتفاعًا ملحوظًا في القيم الإجمالية والذي قد يكون انعكاسًا لتغيرات الأسعار بدلًا من التغير الحقيقي للكميات المنتجة من السلع والخدمات، وهنا تظهر أهمية القياس بالأسعار الثابتة حيث يُعبَّر عن قيمة الإنتاج بسعر ثابت، مما يعطي قياسًا أكثر دقة للتغيرات في حجم إنتاج النشاط الاقتصادي.
القياس باستخدام منهجية السلاسل المتحركة (السنة المرجعية 2018م):
تتمثل إحدى التوصيات الرئيسة في نظام الحسابات القومية 2008 في تبني منهجية السلاسل المتحركة بدلا من منهجية سنة الأساس الثابتة (2010). حيث تعد منهجية السلاسل المتحركة منهجية ديناميكية تُستخدم في القياس الاقتصادي، وتحديدًا في تقديرات معدلات النمو الحقيقية للحسابات القومية باستخدام أوزان وأسعار السنة السابقة لسنة القياس.
يتم حساب المؤشرات الاقتصادية من خلال ربط فترات زمنية متجاورة معًا. ويضمن هذا التداخل المستمر عكس التغيرات في الاقتصاد بشكل أكثر دقة، لأنه يأخذ في الاعتبار التغيرات في هياكل الإنتاج، والاستهلاك، وتأثيرات تغيرات الأسعار، كما توفر منهجية السلاسل المتحركة تمثيلًا أكثر حداثة وواقعية للأنشطة الاقتصادية؛ إذ تستخدم سنة مرجعية هي (2018م) لربط السنوات معًا، وتوفر هذه الطريقة تمثيلًا أكثر حركة (ديناميكية) ودقة عبر حساب التغيرات النسبية بين الأسعار خلال السنوات.
ويعد نموذج السلاسل المتحركة نموذجًا غير جمعي؛ إذ لا يمكن الحصول على قيمة الناتج المحلي الإجمالي من خلال جمع مكوناته من الأنشطة الاقتصادية أو من بنود الإنفاق، وتصحح منهجية السلاسل المتحركة عيوب سنة الأساس الثابتة خصوصًا عندما يتعرض الهيكل والسلوك الاقتصادي إلى تحولات كبيرة، فهذه المنهجية تسمح بالانتقال بشكل أكثر سلاسة، وتتكيف مع ظروف الاقتصاد المتطورة. ولا ينظر نهج السلاسل المتحركة للتغير في الكميات فقط، بل يضبط كذلك الاختلافات في الأسعار، ويقدم صورة أكثر واقعية للنمو أو الانكماش الاقتصادي، وعلى الرغم من أن السلاسل المتحركة نموذج غير جمعي إلا أن هذه المنهجية تحسِّن من دقة وتمثيل البيانات.
الملحق:
Quarterly National Accounts Manual (2017): International Monetary Fund, chapter 8 “Price and Volume Measures”.
System of National Accounts (2008): chapter 15 “Price and Volume Measures”.
European System of Accounts ESA 2010. Chapter 10 “Price and Volume Measures”.